روسيا وأوكرانيا.. عقوبات اقتصادية تعيد أجواء "الحرب الباردة"
روسيا وأوكرانيا.. عقوبات اقتصادية تعيد أجواء "الحرب الباردة"
بعد فشل المفاوضات الدبلوماسية في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وصلت الأزمة إلى طريق شبه مسدود بعد قمتين بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، ولقاءات على مستوى وزراء الخارجية بين البلدين، لنزع فتيل الأزمة.
وعلى الجانب الآخر لا تزال الحشود العسكرية مستمرة سواء من الجانب الروسي، خصوصا بعد المناورات الحية والمفاجئة مع بلاروسيا، واستعدادات حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية.
أصل الأزمة
في الوقت الذي تخشى روسيا من انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، لما يمثل ذلك تهديدا لأمنها، حيث يجعل "الناتو" على حدودها مباشرة، مطالبة بتطمينات تتمثل بحظر دائم لانضمام أوكرانيا للناتو.
وفي المقابل فإن "الناتو" يحذر موسكو من أنها ستدفع "ثمنا باهظا" إن أقدمت على غزو أوكرانيا، ويهدد بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة.
الرد العسكري المباشر
ويأمل المراقبون بأن يكون التصعيد العسكري مجرد أدوات ضغط على طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى تفاهمات تنزع فتيل الأزمة.
وتستبعد أغلب السيناريوهات الرد العسكري المباشر رغم الحشد العسكري من الجانبين، وذلك بحسب التصريحات الأمريكية والأوروبية، لكن التهديد بحرب اقتصادية بين الطرفين يعد السيناريو "الأكثر" احتمالا في حال استمرار تصعيد النزاع.
العقوبات المتوقعة
تتعدد سيناريوهات العقوبات الاقتصادية المتوقعة، وتشير التقارير إلى أن روسيا مستعدة لكل ذلك وقد تحملت بالفعل العقوبات التي فُرضت عليها منذ دخولها القرم عام 2014 وأن تعاونها مع الصين وربما الهند اقتصاديا يزيدها قوة، وأن تأثير العقوبات الاقتصادية على أوروبا نفسها سيكون أكبر وخاصة أنها تزود أوروبا بنحو (35%) من احتياجاتها من الطاقة، وأن أي تطور سلبي للأزمة ستكون له عواقب اقتصادية وخيمة نفطيا وتجاريا وماليا.
وأبرز العقوبات المتوقعة:
- اتفاق ألمانيا والولايات المتحدة من عدم تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم" الذي من المفترض أن يربط بين روسيا وألمانيا.
- تهديد الولايات المتحدة بفرض قيود على إصدار موسكو للديون السيادية.
- احتمال فرض واشنطن عقوبات على استيراد صادرات الطاقة الروسية.
- تقويض قدرة روسيا على تحويل عملتها "الروبل" لدولارات أو عملات أجنبية أخرى.
- فرض قيود على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدّمة الأمريكية لروسيا.
- استهداف الشركات ورجال الأعمال المرتبطين ببوتين بقيود مالية.
- فرض قيود على السفر.
- فرض إجراءات عدم تعامل مع البنوك الروسية، وفرض عقوبات تشمل حظر روسيا من استخدام نظام "سويفت" لتحويل الأموال، وهو النظام الذي يستخدمه نحو 11 ألف بنك ومؤسسة مالية من نحو 200 دولة كسداد وتلقي المدفوعات عبر الحدود.
- فرض حظر شامل على شركات الطاقة الروسية المملوكة للدولة، وأيضاً على شركات أخرى في القطاع المالي وفرض حظر تعامل على رجال المال والأعمال الروس وعائلاتهم.
الاقتصاد العالمي
هناك العديد من الآثار الاقتصادية المحتملة منها:
- يعد الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التأثير المحتمل الأوسع نطاقاً على إمدادات الطاقة، والعواقب التي قد تنتج عن العقوبات الغربية على روسيا، حيث تعتبر روسيا أحد أكبر موردي الطاقة في العالم، وتوفر حوالي 30% من الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل دوراً حيوياً في توليد الطاقة والتدفئة المنزلية في وسط وشرق أوروبا.
وفي الأشهر الأخيرة، اتهمت وكالة الطاقة الدولية روسيا بخفض صادراتها من الغاز إلى أوروبا في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، وساهم ذلك في تفاقم مشاكل إمدادات الطاقة العالمية وارتفاع الأسعار، يأتي ذلك وسط توقعات بقيام موسكو بخطوات أكثر خطورة إذا تم فرض عقوبات عليها، وهو ما قد يسبب (هزة هائلة في الاقتصاد الأوروبي)، بحسب آراء الخبراء والمراقبين.
- أن يكون لتعطيل الإنتاج الزراعي في أوكرانيا تأثير مباشر على الإمدادات الغذائية العالمية، حيث تعد أوكرانيا واحدة من أكبر 4 دول مصدرة للحبوب في العالم، حيث تشتهر بزراعة الذرة والقمح وتعد من أكبر 10 منتجين لفول الصويا والشعير واللفت.
- قد يؤدي عزل روسيا عن نظام "سويفت" إلى إنهاء جميع المعاملات الدولية لروسيا، وإحداث تقلبات في العملة، والتسبب في تدفقات رأس المال إلى الخارج، ولكن رد كبار المشرعين الروس على ذلك بالقول “إن شحنات النفط والغاز والمعادن إلى أوروبا ستتوقف إذا حدث ذلك”، في إشارة إلى ما يترتب على ذلك من عقوبات لأوروبا نفسها المعتمدة على مصادر الطاقة الروسية.